لقد بعثَ الله تبارك وتعالى أنبياءَه لإقامةِ الدين والأُلفَةِ والجماعة،
وتركِ الفُرقةِ والمُخالفَة،
{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }
[ الشورى: 13 ].
فلذا كان من أولويَّاتِ دعوةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم
حين وطِئَت قدمُه الشريفةُ المدينةَ النبويَّة: بِناءُ مسجِد قُباء،
والمُؤاخاةُ بين المُهاجِرين والأنصار،
فانتقَلَ الناسُ من العداوَةِ في الجاهلِيَّة إلى الأُلفةِ في الإسلام،
وأصبحَ غُرباءُ الدار إخوةً للأنصار، يُقاسِمُون دُورَهم وأموالَهم،
{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
[ الحشر: 9 ].