كان إبراهيمُ بن أدهمَ من أصحاب الترف والغنى، فقد كان أبوه أحدَ ملوك خراسان، وكان في شبابه يعيشُ حياةَ اللهو واللعب، منغمساً في ملذاتِ الدنيا وشهواتِها، غافلاً عن الآخرةِ وسلوكِ الطريقِ القويم.
وفي يومٍ من الأيام، انتبه من غفلته، وفاق من رقدته، فقرّر القرارَ الجازمَ بأن يتركَ حياةَ اللهو والعبث، ويهجرَ طريق الفجور والمعاصي، ليسلك الصراط المستقيم.
قرر إبراهيمُ بن أدهمَ أن يسافرَ إلى العراقِ والشام، إذ كانت هي مراكز العلمِ والعلماء. وهناك انقلبت حياتُه فتحوَّل من حياةِ الغنى إلى حياةِ الفقر، وانتقل من حال الرخاء إلى حال الشدة.
قرَّب له يوماً صاحبُه أبو يوسف الْغَسُولِيُّ قطعاً من الخبز يابسة، كانت هي وجبتُه الرئيسيةُ والثانويةُ طوالَ اليوم، فأكل من الخبزِ اليابس وشربَ عليه من الماء، ثم قال لصاحبه: "يا أَبَا يُوسُفَ، لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالسُّرُورِ لَجَالَدُونَا بِالسُّيُوفِ أَيَّامَ الْحَيَاةِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ وَقِلَّةِ التَّعَبِ".