ولقد كانت تربيةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على وِفق هذا المنهج القرآني،
فكان إذا همَّ بالمسلمين همٌّ أو غمٌّ، أو توجَّسَ الخوفُ والقلَقُ واليأسُ في نفوسِهم،
أخذ يُذْكِي روحَ الأمل، ويبُثُّ الطُّمأنينةَ والثقةَ بالله في نفوسِهم.
لما تحزَّبَ الأحزابُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتألَّبَ عشرةُ آلاف مُقاتِل،
وكانت ظروفُ المسلمين في حالةٍ حرِجَة، فقد هيمَنَ الخوفُ على نفوسِهم،
حتى إن أحدَهم لا يستطيعُ أن يخرُجَ لقضاء حاجَته،
واشتَدَّ عليهم الجوعُ حتى ربَطُوا الحجَرَ على بطونهم،
وكانت تمُرُّ بهم الأيام لا يجِدُون طعامًا، ولا يذوقُون مذاقًا،
وأقبَلَ عليهم بردُ الشتاء في هيَجَانه وشدَّته،
واهتَبَلَ الغدرُ والخيانةُ والنفاقُ الفرصةَ كعادتهم، للفَتِّ في عضُد المسلمين.
وقد وصَفَ القرآن حالَهم فقال:
{ إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ
وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا
هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا }
[ الأحزاب: 10، 11 ].