وطُوبَى مِن الطِّيب
، قال تعالى:
{ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }
[الرعد: 29]،
فإنه يكونُ مِن جنسِ السابقِين الأولين الذين اتَّبَعوه لما كان غريبًا،
وهم أسعَدُ الناس.
وعندما يقِلُّ الناصِر، ويعِزُّ المُعين، يأتي دورُ الغُرباء المُصلِحين
الذين يقُومُون بأمرِ الله، ولا يجِدُون مُؤيِّدًا ولا ظَهيرًا مِن الناس،
بل صُدودًا ومُعاداة، فإنهم - والحالةُ هذه - يعظُمُ أجرُهم، وترتفِعُ عند الله منزلَتُهم.
أيها الإخوة:
لهؤلاء الغُرباء صِفاتٌ خاصَّة تدلُّ على تميُّزهم وخيريَّتهم، وثباتهم
على مبدئِهم، وعلوِّ همَّتهم، وقوَّة إرادتهم.
فمِن صِفاتهم التي تُستفادُ مِن الأحاديث الوارِدة في الغُربة:
تمسُّكُهم بالسنَّة عند رغبة الناسِ عنها، وزُهدهم فيها، وفي المُقابِل
تركُهم ما أحدَثَ الناسُ مِن المُحدثات، وهؤلاء هم القابِضُون على الجَمر حقًّا،
فلغُربتهم بين الخلق يعُدُّونهم أهلَ شُذوذٍ وبِدعة، لكن يكفِيهم
شرفًا تمسُّكُهم بدينِ الله وثباتُهم، وأن الله ضاعَفَ أجرَهم.
فعن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله –
صلى الله عليه وسلم -:
( يأتِي على الناسِ زمانٌ الصابِرُ فيهم على دينِه كالقابِضِ على الجَمر )؛
رواه الترمذي.