إنَّ مِن أسبابِ نَجاحِ الزَّواجِ هو تَخفيفَ المُهورِ، وتَيسيرَ تَكاليفِهِ التي تَقطعُ الظُّهورِ، واسألِ اليَومَ أَيَّ شابٍ: لِماذا لا تَبحثُ عَن بنتِ الحَلالِ، سَيُجيبُكَ بِكلِّ أسى: ومن أينَ لي بالمالِ، فمن الأَخطاءِ الشَّائعةِ، اعتقادُ أن كَثرةَ مَهرِ المرأةِ أدعى لمَعرفةِ قِيمتِها والحفاظِ عليها، وأنَّهُ كلما بَذلَ الزَّوجُ أكثرَ مَهراً كلما حَافظَ على زَوجتِه، فنقولُ: نعوذُ باللهِ أن تكونَ بناتُنا سِلَعاً تُباعُ وتُشترى، ولو كانَ الأمرُ كذلك لكانتْ الدُّنيا وما فيها لا تُساوي ظُفْرَ فَلَذةِ الكبدِ وقُرَّةِ العينِ، ولكنَّها سُنَّةَ اللهِ -تعالى- في الزَّواج، بأن تنتقلَ البِنتُ من أبٍ حَنونٍ يُحبُّها، إلى زَوجٍ صالحٍ يُكرِمُها، وَقَد قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "خَيْرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرُهُ".
ولو كَانَ غَلاءُ المُهورِ عَلامةً على كرامةِ المرأةِ وعُلُوِّ مكانَتِها، لكانَ أَغلى المُهورِ هو مَهرَ سيِّدةِ نساءِ أهلِ الجنَّةِ وبنتِ أشرفِ النَّاسِ -عليه الصَّلاةُ والسلامُ-، فاطمةَ -رضيَ اللهُ عنها-، فماذا كانَ مَهرُها؟، يَقُولُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَرَدْتُ أَنْ أَخْطُبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ، فَقُلْتُ مَا لِي مِنْ شَيْءٍ فَكَيْفَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ صِلَتَهُ وَعَائِدَتَهُ فَخَطَبْتُهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ؟"، قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟، قَالَ: هِيَ عِنْدِي، قَالَ فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ".