الحمد لله، الحمد لله حمدًا يستدعي مزيدَ الإنعام، ويقي سوءَ البلاء وشديدَ الانتقام، ويرتقي بقائله إلى أسمى منزلٍ وأسنى مقامٍ، أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ مَنْ آمَن بالله ثم استقام، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، المبلِّغُ للشرائع والأحكام، والمبَيِّنُ للحلال والحرام، صلى الله وسلم وبارَك عليه، وعلى آله الكرام، وأصحابه الأعلام، والتابعينَ وتابِعِيهم بإحسان إلى يوم البعث والمقام.
أما بعدُ: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله -رحمكم الله-، فالتقوى ضياء في الظلام، وجلاء في الأفهام، وعُروةٌ ما لها انفصامٌ.
أيها المسلمون: أعظمُ النِّعَمِ وأَولاها، وأكرمُ المِنَنِ وأَسناها: دينُ الإسلام، واسطةُ عِقْدِ الأديانِ وتاجُها، وخاتِمةُ الشرائعِ ورِتاجُها، سبيلُ اللهِ القويمُ، وصراطُهُ المستقيمُ، قال سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[آلِ عِمْرَانَ: 19]، وقال سبحانه: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[يُوسُفَ: 40].
الانتسابُ له عِزٌّ ومَفخرةٌ، والعيشُ في ظِلاله أُنسٌ ومَطهَرةٌ، يقول تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)[النِّسَاءِ: 125].