إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
للهِ سُنَنٌ كونيّةٌ في عبادِه لا تَتَبَدَّلُ ولا تَتَغَيَّرْ (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)، وكما وَقَعَتْ في السّابقينَ ستقعُ في اللاحقين (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)، ومن تلك السُّننِ:
أنَّ المؤمنينَ في طمأنينةٍ وسكينةٍ وسعادةٍ تَملأُ قلوبَهم (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، وأنّ الكافرينَ والعصاةَ في قلقٍ وجزعٍ وشقاء (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) قالَ الحسنُ البصريُّ -رحمَه الله-: إنّهم وإنْ طَقْطَقَتْ بهم البِغَالُ وهَمْلَجَتْ بهم البَراذين، فإنَّ ذُلَّ المعصيةِ لا يُفارقُ قلوبَهم، أبى اللهُ إلا أنْ يُذِلَّ مَنْ عصاه. ومنها أنّ مَنْ تَمَسَّكَ بالقرآنِ نالَ مِنْ بركاتِه بقدرِ تَمَسُّكِهِ به، قالَ تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)، قالَ الإمامُ الرّازيُّ -رحمَه الله-: ثمّ قد جَرَتْ سُنّةُ اللهِ -تعالى- بأنّ الباحثَ عنه أيْ عن القرآنِ والمُتَمَسِّكَ به، يَحْصُلُ له عِزُّ الدّنيا وسعادةُ الآخرة.