القِوَامةُ لَيستْ قَائمةً عَلى الظُّلمِ والتَّسَلُّطِ والإجحَافِ، وإنما قائمةٌ على العَدلِ والرَّحمةِ والإنصافِ، فَهي للرَّجلِ بِما فَضَّلَهُ اللهُ -تَعالى- مِن الخَصائصِ والصِّفاتِ، وبِما أنفقَ مِنَ المَهرِ وسَائرِ مَا يَحتَاجُهُ الأهلُ مِن نَفَقاتٍ، فَيَأمرُ أهلَهُ بالمَعروفِ ويَنهَاهُم عَن المُنكرِ، ويُؤدِبُهم ويَرعَاهُم ويَحمِيهُم ويَصونُهُم، ويُنفقُ عَليهم ويَقومُ بِمصَالحِهم، وتأملَوا قَولَهُ -تَعالى-: (وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)؛ فَكُلَما أنفقَ الزَّوجُ والأبُّ عَلى بَيتِه كُلما كَمُلَتْ لَهُ القِوَامةُ، وكُلَما نَقَصَتْ نَفَقتُه كَلَما نَقُصَتْ قِوامَتُه عَلى أهلِ بَيتِهِ، فإيَّاكُم وأموالَ نِسائكم.
فَأخبروني اليومَ عَن القِوامةُ وقَد فُتِحَ فِيهِ المَجالُ، وَظهَرَ عَلى الوَاقعِ مَا لم يَخطرْ بالبالِ، فَما هَذهِ العباياتُ الغَريبةُ المُثيرةُ لانتباهِ الرِّجالِ، التي لَم تَعُدْ صَالحةً لإخفاءِ الزِّينةِ والجَمالِ، ومَا هذِه الوجوهُ المَكشوفةُ بِحُجَّةِ خِلافِ الفُقَهاءِ، وما هَذا الاختلاطُ الغَريبُ بينَ الرِّجالِ والنِّساءِ، في الأعمالِ وفي كُلِّ مَكانٍ ولِقاءٍ، حَتى سَقَطَتْ الكُلفَةُ وذَهبَ الحَياءُ، وما هَذهِ المَقاطعُ التي كَشَفَتْ السُّتورَ، وأظهَرَتْ المَستورَ، فيَا أيُّها الأبُ، ويا أيُّها الزَّوجُ، إلى أينَ؟، ومن المَسئولُ؟، ألم تَعلَموا أنَّ أولَ فِتنَةِ بَني إسرائيلَ كَانتْ في النِّساءِ.