فَلَمَّا وَصَلَ أَصْحَابُ الفِيْلِ إِلَى مَكَّة: وَقَفَ الفِيْل، وأَبَى أَنْ يَتَّجِهَ إلى الكَعْبَة! فَإِذَا وَجَّهُوْهُ إِلَى اليَمَنِ: اِنْطَلَقَ يُهَرْوِل، وَإِنْ وَجَّهُوْهُ إِلَى مَكَّةَ: وَقَفَ مَكَانَه.
قال تعالى: (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)؛ أَيْ جَعَلَ مَكْرَهُمْ وَسَعْيَهُمْ وتَخْطِيْطَهُمْ فِي تَدْمِيْرِ الْكَعْبَةِ، وَمُحَاوَلَةِ هَدْمِهَا، وصَرْفِ النَّاسِ عَنْها: في ضَلَالٍ وَخَسَارٍ، وَضَيَاعٍ وَبَوَارٍ؛ فَخَيَّبَ اللهُ سَعْيَهُمْ، وأَبْطَلَ مُرَادَهُمْ، (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا)[الأحزاب: 25].
قال تعالى: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ): يَعْنِي: جَمَاعَاتٍ كَثِيْرَة مُتَفَرِّقَة، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَتَتْهُمْ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وكَانَتْ طَيْرًا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، قال تعالى: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ)؛ أَيْ تَحْمِلُ حِجَارَةً مِنَ الطِّيْنِ المَشْوِيِّ الصَّلْب! قالَ قَتَادَة: "مَعَ كُلِّ طَيْرٍ: ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ: حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ، لَا تُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا هَشَمَتْهُ".