أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ مِمَّنْ يَعِيْشُوْنَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِيْنَ لَا يَخْلُونَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ, ذِمِّيُّونَ وَمُسْتَأْمَنُونَ وَمُعَاهَدُونَ, وَكُلُّهُمْ يَحْرُمُ التَّعَدِّي عَلَيْهِمْ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ فَضْلًا عَنْ قَتْلِهِمْ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ, وَإِنَّ رِيحَهَا لِيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًّا"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ).
وَقَدْ جَاءَتْ كُتُبُ الْإِسْلَامِ بِأَحْكَامٍ مُفَصَّلَةٍ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُمْ, مِمَّا يَدُلُّ عَلَى شُمُوْلِ هَذَا الدِّينِ وَأَنَّهُ مِنْ لَدُنْ حَكِيْمٍ خَبِيْرٍ, وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فَبَعْضُ الْحَرِيْصِيْنَ عَلَى الْخَيْرِ لَا يَفْهَمُونَ الطَّرِيْقَةَ الصَّحِيْحَةَ فِي التَّعَامُلِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ, وَرُبَّمَا اتَّهَمُوا مَنْ تَعَامَلَ مَعَهُمْ بِمَا لَا يَلِيْقُ, وَلِذَلِكَ نَقُولُ إِنَّ مُعَامَلَةَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عُمُومًا أَنْوَاعٌ: (الْأَوَّلُ) التَّوَلِّي، وَهَذَا كُفْرٌ أَكْبَرُ، وَلَهُ ضَابِطَانِ: أَنْ يُحِبَّ الْكُفَّارَ لِأَجْلِ دِينِهِمْ. أَوْ أَنْ يُنَاصِرَ الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَرْبِ مُخْتَارًا لا مُكْرَهًا, مُرِيدًا ظُهُورَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).