فما أقربَ طُرُوَّها، وأسرعَ بُدُوَّها، وأشدَّ دُنُوَّها، وأعظمَ فُشوَّها.
وشرُّ التِّلاد وِراثةُ الأحقاد، تُترعُ بها قلوبُ الأولاد، وتُغرسُ في صدورِ الأحفاد،
وتبقَى أمدَ الآماد. وقديمًا قيل:
أحـيَـا الـضـغـائِـنَ آبــاءٌ لـنــا سـلَــفُ
فـــلـــن تَــبــيـــدَ ولـــلآبـــاءِ أبـــنـــاءُ
ومن كانت الضغينَةُ رايتَه، والانتِقامُ غايتَه، والتشفِّي عادتَه خسَفَ بدرُه،
وسقطَ جدرُه، وصغُر قدرُه، وتلهَّب صدرُه. ومن تركَ الأحقادَ والضغائِن عاشَ مُعافَى،
وجمعَ أحلافًا، وأكثرَ ألفافًا، وتجنَّبَ إلحافًا، وأمِنَ إتلافًا.
ومتى تسلَّطَت الحَزازاتُ والعداواتُ على القلب اختلَّ واعتلَّ، فذهبَ صفاؤُه،
وعسُر شِفاؤُه، وطالَ بلاؤُه، وتعذَّر دواؤُه.