فالإيمانُ - يا عباد الله - يعظُمُ ويكمُلُ بحُسن الأخلاق وكمالِها،
وحُسنُ الخُلُق يُثقِلُ الموازِين، ويزيدُ في إيمانِ العبد، حتى يصِلَ
إلى مراتبِ الكمال.
ومِن الأخلاق الفاضِلة التي قُرِنَت بالإيمان:
خُلُق الحياء، فإذا رُفِع الحياءُ عن الإنسان نقصَ مِن إيمانِه بقَدر ذلك.
ففي مستدرك الحاكم بسندٍ صحيحٍ:
عن ابن عُمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبيُّ
- صلى الله عليه وسلم -:
( الحياءُ والإيمانُ قُرِنَا جميعًا، فإذا رُفِع أحدُهما رُفِع الآخر ).
وبيَّن - صلى الله عليه وسلم - مزِيَّةً للحياء على سائرِ الأخلاق، فقال:
( إن لكل دينٍ خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياءُ )؛
رواه ابنُ ماجَه بسندٍ حسنٍ.
فما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانَه، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلا شانَه.
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
الحياءُ أصلٌ لكلِّ خيرٍ، وهو أفضلُ وأجَلُّ الأخلاق، وأعظَمُها قَدرًا،
وأكثَرُها نفعًا، ولولا هذا الخُلُق لم يُوفَ بالوعدِ، ولم تُؤدَّ الأمانة،
ولم تُقضَ لأحدٍ حاجة، ولا تحرَّى الرجُلُ الجميلَ فآثَرضه، والقبيحَ
فتجنَّبَه، ولا ستَرَ له عورَة، ولا امتنَعَ عن فاحِشة.
وكثيرٌ مِن الناسِ لولا الحياءُ الذي فيه لم يُؤدِّ شيئًا مِن الأمور
المُفترَضَة عليه، ولم يَرعَ لمخلُوقٍ حقًّا، ولم يصِل له رَحِمًا،
ولا بَرَّ له والِدًا