والحجُّ في شعائِرِه وأعمالِه وزمانِه ومكانِه يُرسِّخُ التوحيدَ في القلوب،
وهو دليلٌ على إيمانِ مَن أدَّاه على الوجهِ المطلُوب، ومَن تأمَّلَ أذكارَ
الحجِّ وجدَ فيها مِن توحيدِ الله تعالى وتعظيمِه وإجلالِه ما يُعلِّقُ القلوبَ به
- سبحانه - وحدَه لا شريكَ له، ففي كل منسَكٍ ذِكرٌ ودُعاءٌ وتوحيدٌ.
فعندما يُحرِمُ الحاجُّ يُهِلُّ بالتوحيد قائلًا: لبَّيك اللهم لبَّيك أي:
طاعةً بعد طاعةٍ، وإجابةً بعد إجابةٍ، وهذا دليلٌ على الاستِسلام لله
تعالة والانقِياد له.
وعندما يجأرُ قائلًا: لبَّيك لا شريك لك، ويختِمُ التلبِيةَ بقولِه:
لا شريكَ لك فإنَّما يُنادِي بعزم العقد على ألا يجعلَ لله شريكًا،
ولا يصرِفَ شيئًا مِن العبادة لغيرِه، وبما أنَّه يعتقِدُ أنَّ الله واحدٌ لا نِدَّ له ولا نظير،
ولا شَبِيهَ ولا مثِيل، وأنَّه المُحيِي والمُميت، وأنَّه الخالِقُ الرازق،
وأنَّه النافعُ الضار، وأنَّه استأثرَ بعلم الغيبِ وحدَه، وله الكمالُ المُطلَق،
وهو على كل شيءٍ قدير، وأنَّه مالِكُ المُلك، ومُدبِّرُ الكَون،
وهو وحدَه صاحبُ السُّلطان القاهِر في هذا العالَم،
يتصرَّفُ في مُلكِه كيفما يشاءُ ويختار.