التوحيدُ حقُّ الله على عبادِه، وبه بعثَ الله رُسُلَه، وأنزلَ كُتُبَه، وحقيقتُه
إفرادُ الله بالعبادة.
والعبادةُ: اسمٌ جامعٌ لكل ما يُحبُّه الله ويرضَاه مِن الأقوال والأعمال
الظاهرة مِنها والباطِنة.
فللقلبِ عبوديَّةٌ تخُصُّه، وعبوديَّتُه أعظمُ مِن عبوديَّة الجوارِح، وأكثرُ
وأدوَم، ودخولُ أعمال القلبِ في الإيمانِ أولَى مِن دخول أعمالِ الجوارِح؛
فالدينُ القائمُ بالقلبِ مِن الإيمان علمًا وحالًا هو الأصلُ المقصُودُ،
والأعمالُ الظاهرةُ مُتمِّمةٌ وتبَع، ولا تكومُ صالِحةً مقبُولةً إلا بتوسُّطِ
عملِ القلبِ، فهو روحُ العبوديَّة ولُبُّها، وإذا خلَت الأعمالُ الظاهرةُ مِنها
كانت كالجسَد المَوَات بلا رُوحٍ، وبصلاحِ القلبِ صلاحُ الجسَد كلِّه.
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( ألا وإن في الجسَد مُضغَة، إذا صلَحَت صلَحَ الجسَدُ كلُّه، وإذا فسَدَت
فسَدَ الجسَدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ )
؛ متفق عليه.
وتفاضُلُ العباد بتفاضُل ما في قلوبِهم، وبها تفاضُل الأعمال، وذلك محلُّ
نظر الربِّ مِن عبادِه.
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( إن الله لا ينظرُ إلى أجسادِكم ولا إلى صُوركم، ولكن ينظُرُ إلى
قلوبِكم وأعمالِكم )
رواه مسلم.