إن من بركة النية الطيبة أنها تنفع صاحبَها ولو لم يقع العملُ على وجهه الصحيح،
(ففي الصحيحين)، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكَر رجلًا ممَّن كان قبلَنا تصدَّق
بصدقات فأخفاها، حتى عن نفسه، فوقعت الأولى في يد زانية، والثانية على غنيٍّ،
والثالثة على سارق، فساءه ذلك، فأُتي -أَيْ في المنام- فقيل له: أمَّا صدقتُكَ فقد قُبِلَتْ،
أما الزانية فلعلها تستعفُّ بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق ممَّا أعطاه اللهُ،
ولعل السارق يستعفُّ بها عن سرقته، قال ابن حجر -رحمه الله-: “نية المتصدِّق
إذا كانت صالحة قُبِلت صدقتُه، ولو لم تقع الموقعَ“؛ يعني: ولو لم يُصِبْ فيها مستحِقَّها،
كما أنه بالنية الصالحة يُثاب المؤمن على أعماله الدنيوية، وعلى سعيه لكسب معاشه،
فتتحوَّل العادات إلى عبادات، وهذا باب عظيم لكسب الحسنات، يغفُل عنه كثيرٌ من الناس،
(ففي الصحيحين)، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنكَ لن تنفق نفقة تبتغي
بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك“، قال الإمام النووي -رحمه الله-
: “وإذا وضع اللقمة في فيها فإنما يكون ذلك في العادة عند الملاعَبة والملاطَفة، والتلذُّذ بالمباح،
فهذه الحالة أبعدُ الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة، ومع هذا فأخبَر صلى الله عليه وسلم
أنه إذا قصَد بهذه اللقمة وجه الله -تعالى- حصَل له الأجرُ” انتهى كلامه رحمه الله.