ليكُن منكم بُحسبان أن الأمل والتفاؤُل مُفرداتٌ أخاَّذة، لمدلولِها أثرٌ واعتِبار،
ولفَحوَاها كُنهٌ واختِبار، وإلا كانت ضربًا من الأوهام، وأضغاثِ الأحلام،
وذلك بألا يشُوبُها رَنَقُ الخُمولِ والتعطُّل، ولا كدَرُ التواكُل والتبطُّل،
وإنما تتواشَجُ فيها أعمالُ القلوب بأعمال الجوارِح .
فالأملُ - عباد الله - نِبراسٌ في مجاهِل الحياة، وفجرٌ ساطِعٌ في دياجِير الكُرُبات.
وهل حقَّق الأنبياءُ الكرامُ - عليهم أفضلُ صلاةٍ وأزكَى سلام - النصرَ والتمكين
إلا بالتفاؤُل والأمل، والصبر واليقين والعمل؟!
وهم صفوةُ الأنام، وما لقُوا من الأوصاب أشقُّ من الصَّاب. فبلَّغوا الرسالات،
ونشَروا الهدايات، مكثَ نوحٌ ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا في دعوة قومِه،
ولم يفقِد الأمل، وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدٌ - صلوات الله وسلامُه عليهم
لم يفقِدوا الأمل مع أقوامِهم.
ومكثَ يونسُ - عليه السلام - في الظلمات، ولم يفقِد الأمل،
ونادى:
{ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ }
[ الأنبياء: 87، 88 ].