وهكذا كلُّ ما لم يكن لله لا ينفَعُ ولا يدُومُ، وفي التنزيل:
{ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
[الرعد: 17].
جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلتُ: يا رسول الله!
ابنُ جُدعان كان في الجاهليَّةِ يَصِلُ الرَّحِم، ويُطعِمُ المِسكِين، فهل ذلك نافِعُه؟ قال:
( لا ينفَعُه؛ إنَّه لم يقُل يومًا: ربِّ اغفِر لي خطِيئَتِي يوم الدين ).
فكونُه كان على الكفر فلا تنفَعُه صدَقَتُه وكفالَتُه اليتامى، وإطعامُه المساكين،
وإكرامُه الضيف؛ فهو لم يُرِد بذلك الدَّارَ الآخرة، ما أرادَ إلا الفخرَ والمباهاةَ
والشهرةَ في الدنيا، لم يطلُب الآخرةَ، ولم يعمَل لها، ولم يكن من الذين
يُؤمِنون بالبعث ولا بالجنَّة والنار، فعَملُه قد جُوزِيَ به في الدنيا، وهو الثناءُ
من الناس وذِكرُهم له، وهذا هو حظُّه، وليس له في الآخرة من نصِيبٍ،
كما قال تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا
لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا
صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
[هود: 15، 16].