{ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنفال: 61].
فهذه سيرتُه العطِرةُ - أيها المُؤمنون - جلِيَّةٌ للعَيان؛ فلم يكُن –
صلى الله عليه وسلم - داعيًا للحربِ ولا إلى المُخاصَمة، ولا إلى
التنازُع والمُشاجَرة، بل كان رحيمًا سَمحًا عفُوًّا.
ففي بداية الدعوةِ المكية وشِدَّة ما وجَده - صلى الله عليه وسلم - مِن قومِه، يأتِيه ملَكُ الجِبال فيستأذِنُه بأن يُطبِقَ على كفار قُريش جبَلَي مكة، فيختارُ سبيلَ السِّلم والسلام، ويقول:
( بل أرجُو أن يُخرِجَ اللهُ مِن أصلابِهم مَن يعبُدُ اللهَ وحدَه لا يُشرِكُ به شيئًا )؛ رواه البخاري ومسلم.
ولم تكُن علاقتُه - صلى الله عليه وسلم - مع مُخالِفِيه مُجرَّد عدلٍ وسلامٍ ورحمةٍ، بل تعدَّى ذلك إلى الإحسان والبِرِّ والصِّلة.