يها المؤمنون: استهداف الدِّين والأوطان والمجتمَعات سُنَّةٌ من سُنَن الله الكونية، وكما لم تَسلَم القرونُ السالفةُ من نزغات الشياطين والمفسِدِينَ والمضلِّينَ، حيث استهدَفت العقائدَ؛ إذ مدَّت ضروبُ الإشراكِ فسطاطَها، ونشرَتْ ضدَّ التوحيد والسُّنَّة رواقها؛ أخرج الإمام مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا"، فسبحان الله -عباد الله- وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة، فإنَّ رأينا من الأحداث ما يبعث الأسى، فمن هولها أكبادنا تتفطر، ضلال وإرجاف وطيش وفتنة، وزيغ وفهم كالح الوجه أغبر، وهذه الدعوات المغرِضة التي تستهدِف المجتمعَاتِ الإسلاميةَ، ليس وراءها إلا هدمُها وتفكُّكُها وإخلالُ أمنها واستقرارها، والمصطلحات والمفاهيم الشرعيَّة التي يستخدمها بعضُ هؤلاء لجرِّ المجتمَعاتِ إلى الويلاتِ باتَتْ واضحةً مكشوفةَ الأهدافِ، لكلِّ ذي عينينِ، ولا تزال أفعالُهم الباطلةُ الرَّديئةُ، وأقوالُهم المنمَّقةُ الوبيئةُ، تَفضَح مكنونَ ضمائرِهم، وتكشِف مضمونَ سرائرهم؛ لأنَّ بعضَهم اتخذوا الدِّينَ لِرَخيصِ مآربِهم مطيةً وذريعةً، ومَسْلَكًا لأهوائهم الطَّامعة الشَّنيعة، والتضليل، والخديعة، وهنا تكمُن خطورةُ استهدافِ الأوطانِ والمجتمعاتِ على الدِّين بصَرْفِه عن الاعتدال والوسطيَّة، وجميلِ القِيَم الإسلاميَّة السامية، وعظيم الأخلاق الشرعيَّة الراقيَة، الداعيَة إلى التراحم والتسامح، ليس بين أبناء الدين الإسلامي فحسبُ، بل بينَ جميع أفراد الإنسانيَّة، فالاستهدافُ -يا -رعاكم الله- تحدٍّ واستنزافٌ، وحسدٌ واستخفافٌ، وزيغٌ وانحرافٌ، وكيدٌ وإجحافٌ، وبلبلةٌ وإرجافٌ، وبُعدَ عن الوئام والإيلاف.