وَلاجتِمَاعِ شَيَاطِينِ الجِنِّ وَالإِنسِ عَلَى حَربِ ابنِ آدَمَ وَإِفسَادِ دِينِهِ وَدُنيَاهُ وَإِهلاكِهِ في أُخرَاهُ؛ فَقَدِ اجتَمَعَت تِلكَ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُحَارَبَةِ الإِنسَانِ في دِينِهِ وَعَقلِهِ، لِتَتبَعَهَا بَقِيَّةُ الضَّرُورَاتِ الَّتي عَلَيهَا تَقُومُ حَيَاتُهُ مِن نَفسٍ وَعِرضٍ وَمَالٍ، فَيُصبِحَ بَعدَ ذَلِكَ بَهِيمَةً في صُورَةِ آدَمِيٍّ، وَحَيَوَانًا في جِلدِ إِنسَانٍ.
وَإِنَّ مِنَ الحُرُوبِ الَّتي وَجَّهَهَا الأَعدَاءُ إِلى أَهلِ هَذِهِ البِلادِ وَغَيرِهَا مِن بُلدَانٍ الإِسلامِ، حَربَ المُخَدِّرَاتِ وَالمُسكِرَاتِ، تِلكَ المُهلِكَاتُ المُفسِدَاتُ المُوبِقَاتُ، الَّتي نَسمَعُ وَنَقرَأُ وَتَصِلُ إِلَينَا الأَخبَارُ في كُلِّ يَومٍ، بِاكتِشَافِ أَعدَادٍ هَائِلَةٍ مِن أَنوَاعِهَا وَأَشكَالِهَا؛ مَا بَينَ مَشرُوبٍ وَمَأكُولٍ وَمَشمُومٍ، وَمُنَبِّهٍ مُنَشِّطٍ وَمُفَتِّرٍ مُكَسِّلٍ، لا يَشُكُّ مَن يَرَى كَثرَتَهَا وَتَنَوُّعَهَا وَازدِيَادَ دُخُولِهَا وَتَوَفُّرِهَا، أَنَّهَا حَربٌ شَرِسَةٌ مَدعُومَةٌ دُولِيًّا، وَمَكرٌ كُبَّارٌ مُخَطَّطٌ لَهُ مِن جِهَاتٍ مُتَمَكِّنَةٍ، يُقصَدُ بِهِ المُسلِمُونَ في دِينِهِم وَعُقُولِهِم وَأَنفُسِهِم، وَيُرَادُ بِهِ إِفسَادُ أَعرَاضِهِم وَأَكلِ أَموَالِهِم، وَضَربُ مَبَادِئِهِم وَتَحطِيمُ أَخلاقِهِم، وَتَدمِيرُ قِيَمِهِم وَإِذهَابُ مُرُوءَاتِهِم.