فبعد عهد طويل من الظلام والظلم والطغيان واليأس والحرمان، بدأت الإنسانية تستعيد حقوقها المسلوبة، وحرياتها الضائعة؛ بسبب بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، التي كانت كالصواعق المُحرِقة على رؤوس الطغاة والجبابرة، والأمطار والغيوم والنسائم المنعشة لأرض الإنسانية القاحلة، فاخضرَّ زرعُها، وأزهرَ ثمرُها، وتعطَّرت أجواء العالم الإنساني بالنكهات العاطرة، وساد الرخاء والأمن، واستظل الناس في ظلال البساتين الوارفة للدين الإسلامي.
وهذا ما حدا ببعضِ المُنصفين؛ من المفكرين الغربيين؛ من أمثال "وِل ديورانت" إلى القول: "وإذا حَكَمْنا على العَظَمَة بما كان للعظيم من أثر في الناس؛ قلنا: إنَّ محمداً -صلى الله عليه وسلم- كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعبٍ ألقتْ به في دياجير الهمجية حرارةُ الجو، وجدبُ الصحراء، وقد نجح في هذا الغرض نجاحاً لم يُدانه فيه أيُّ مُصلِحٍ آخرَ في التاريخ كلِّه".