ولا تنسَ -رعاكَ اللهُ- وأنت تتحرَّى الصالحات المداوَمةَ عليها، ففي الخبر الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم-: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل"(أخرجه البخاري في كتاب القصد والمداومة على العمل)، وقد كان عمله -عليه الصلاة والسلام- ديمة، يقول الإمام النوويّ -رحمه الله-: "بدوام القليل تستمر الطاعة، ويستمر الذِّكْر والمراقبة والإخلاص، والإقبال على الله، فينمو القليل الدائم، حتى يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة"، ويقول ابن الجوزي -رحمه الله-: "مُداوِم الخيرِ مُلازِم لخدمة مولاه، وليس مَنْ لازَم البابَ في وقت كمن لازَم يومًا كاملًا ثم انقطع".
وبعدُ عبادَ اللهِ: الموفَّقون للعمل الصالحون ذوو قلوبٍ مخلصةٍ، وتوحيدٍ خالصٍ، وهممٍ جادَّةٍ، مُوفُونَ بتكاليف الشرع، بعيدون عن الغفلة والأثَرة، يَسلُكون مسالكَ الإيثار، يرجون رحمةَ الله ويخافون عذابه؛ (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)[الْإِسْرَاءِ: 57].