ومِنْ فضائل الإصلاح: أنه نَجاةٌ لِلْمُصْلِحِين من الهَلاك، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود: 117] فإنَّ الهَلاكَ لا ينزل بِقَومٍ فيهم مُصْلِحون. والمُصْلِحون غَيْرُ الصالحين، فشَتَّانَ بين الصَّالِحِ في نفسِه -الذي لا يتعدَّى نفعُه إلى غيره؛ وبين المُصْلِحِ- الذي هو صَالِحٌ في نفسِه، ساعٍ للإصلاح بين الناس، قال اللهُ -تعالى-: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)[النساء: 128].
ومن فضائل الإصلاح: البراءَةُ من النِّفَاق؛ فإنَّ اللهَ -تعالى- ذَكَرَ مِنْ أوصافِ المنافين، وأهلِ الزَّيغِ والفَسادِ: أنهم مُفْسِدون في الأرض، مع ادِّعائِهِم الإصلاحَ، وهُمْ على النَّقِيضِ من ذلك: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)[البقرة: 11]، فالسَّاعِي في الإفساد لا يُصْلِحُ اللهُ عَمَلَه، ولا يَتِمُّ له مُرادُه؛ مِصْدَاقًا لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)[يونس: 81]؛ فمِنَ الناس مَنْ يكون مِفتاحًا للخير، مِغْلاقًا للشر، ومنهم مَنْ يكون مِفتاحًا للشر، مِغْلاقًا للخير، وشَتَّانَ بين الفريقين، وسَيُجَازِي اللهُ كُلاًّ بِعَمَلِه وسَعْيِه، ويُوَفِّيه حَسابَه، وهو سبحانه يَعْلَمُ المفسدين من المُصْلِحين: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ)[البقرة: 220].