لما أرادَ الله - عزَّ وجل - أن يبلُوا المُؤمنين ومَن الْتَحَقَ برِكابِ الإسلام،
وشاءَ أن يمتَحِنَ فيهم بَردَ اليقينِ وصِدقَ الإيمان، فاوَتَ بين أحوالِه، وداوَلَ بين أيامِه،
فما بين علُوٍّ وانكِسار، وعزٍّ وانحِسار. فمَن أسلمَ زمنَ الرَّخاء،
فإن أزمِنة الشَّدائِد كفِيلةٌ بكَشفِ حقيقةِ تديُّنِه،
ومَن استقامَ تمشِّيًا مع المُجتمعِ المُحيطِ به خذَلَتْه المُتغيِّرات.
ولو دامَ أمرُ الإسلام رخاءً وانتِصارًا للحِقَ به مَن يطرَبُ للرَّخاء ويعبُدُ النَّصر،
ولو لم يعبُدِ الله، لذا فإن أكثر ما تشرئِبُّ نفوسُ النِّفاق،
وتتخالَفُ أقدامُ المُنافقِين في أزمِنة العُسرِ ومواقِفِ الخَوف والضَّعف،
وهي مشاهِدُ تكرَّرَت في مسيرات الأنبِياء وتوارِيخِ أُممهم.
فإن أقوامًا من أتباعِ مُوسَى - عليه السلام - وطائفةٍ من جيشِه لما قال لهم نبيُّهم:
{ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ }
[ المائدة: 21 ]