{ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ }
[هود: 40]،
ومُوسى - عليه السلام - آمَنَت به بنُو إسرائيل، وكانُوا سوادًا عظيمًا،
وكذَّبَه فِرعونُ وقومُه فأغرَقَهم الله، ويُونسُ - عليه السلام - آمَنَ قومُه
أجمَعُون، وذلك أنَّه لما خرَجَ مِن بين أظهُرِهم، ورأَوا العذابَ الذي
انعقَدَت أسبابُه جأَرُوا إلى الله وتضرَّعُوا إليه، فكشفَ الله عنهم العذابَ،
{ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا
عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }
[يونس: 98].
فكأنَّ السُّورةَ تقولُ لنبيِّنا مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:
ليس عليك هُدى قومِك، وإنَّما عليك الدعوةُ والبلاغُ، وعاقِبةُ أمرِهم علينا،
بل قالت السُّورةُ ذلك بأوضَحِ بيانٍ:
{ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ
شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ }
[يونس: 46].
ومُناسبةٌ أُخرى - أيها المُسلمون -، وهي: أنَّ نُوحًا ومُوسَى - عليهما
السلام - مِن أُولِي العَزم مِن الرُّسُل الذين جمعُوا الاتِّباعَ والصَّبر، وأمَرَ
اللهُ نبيَّه مُحمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يقتَدِيَ بهم:
{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ }
[الأحقاف: 35].