لقد علّم اللهُ -سبحانه وتعالى- آدمَ قاعدةَ السعادةِ في أولِ لحظاتِ إنزالِه إلى الأرض، القاعدةُ أنك كلما اتبعتَ هدى الله كلما ابتعدت عن الضلالِ والشقاءِ، واقتربت من سعادةِ الدنيا ونعيمِ الآخرة. وكلما أعرضت عن ذكر الله وهداه كلما اقتربت من شقاءِ القلب وضَنَكِ المعيشة، وابتعدتَّ عن السعادة والنعيم.
قريبٌ من مثالِ إبراهيمَ بن أدهم، نموذجُ شيخِ الإسلامِ ابن تيميةَ -رحمه الله-، الذي كادوا له أعداؤه كلّ الكيد، ومكروا كل المكر، ليضيِّقوا عليه ويحبسوه ويسلبوه راحته. فكان يقول لهم بكل ثقةٍ واطمئنانٍ: "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رُحتُ فهي معيَ لا تفارقُني، إن حبسي خَلْوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة". وكان يقول في محبسه بالقلعة: "لو بذلتُ ملءَ القلعةِ ذهباً ما عدل عندي شكرَ هذه النعمةِ وما تسببوا فيه من الخيرِ لي". وقال مرة: "المحبوسُ من حبس قلبَه عن ربه تعالى، والمأسورُ من أسرَه هواه".