فيا أهل بيت المقدس: أنتم أجِلَّة الورى، أنتم كرام الأنفس، البركات من حولكم، والمسجد الأقصى زها بوجودكم، فاحفظوا هذه النعمة، أعانكم الله على طاعته، وأمركم في رحمته، وحفظكم من عدوه، وحببكم إلى خلقه، عاملوا الله على قدر نعمه عليكم، وإحسانه إليكم، فإن لم تطيقوا فعلى قدر ستره، فإن لم تطيقوا فعلى الحياء منه، فإن لم تطيقوا فعلى الرجاء لثوابه والخوف من عقابه.
أنتَ أيها المصلي: إيَّاك والنميمة؛ فإنَّها تورث العداوة بين الأهلين، وتفرق بين المحبين، وإياك والتعرض للعيوب؛ فتصير لها أهلًا، وإياك والجود بدينه؛ والبخل بماله، إيَّاكَ والغدرَ؛ فإنَّه أقبح ما تعامَل به الناسُ، واجمَعْ بين السخاء والعلم، والتواضع والحياء، وإيَّاكَ والكذب والفجور، وتقطيع الأرحام، الزم الصدق وجاهِد في أفعالكَ، مَنْ أخلص في الخدمة أورثه المولى -تبارك وتعالى- طرائف الحكمة، وأيده بأسباب العصمة، اخدم مولاك شوقا إلى لقائه؛ فإن له يومًا يتجلَّى فيه لأوليائه، إن لله عبادًا خالط قلوبهم الحزن، فأسهر ليلهم، وأظمأ نهارهم، وأبكى عيونهم، كما وصفهم في كتابه: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذَّارِيَاتِ: 17-18].