الْحَمْدُ للهِ الذِي مَيَّزَ أَهْلَ السُّنَّةِ بِالتَّسْلِيمِ لأَدِلِّةِ الْقُرْآنِ الْمُبِين، وَآثَرَهُمْ بِالْهِدَايَةِ إِلَى دَعَائِمِ الدِّين، وَوَفَّقَهُمْ لِلاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِين، وَسَدَّدَهُمْ للتَّأَسِّي بِصَحْبِهِ الأَكْرَمِين، وَيَسَّرَ لَهُمُ اقْتِفَاءَ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِين، وَجَنَّبَهُمْ زَيْغَ الزَّائِغِين، وَضَلالَ الْمُلْحِدِين، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهِ، دَعَا إِلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِين، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَابِهِ وَمْنَ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَعْظَمَ الْخَلْقِ عَلَيْنَا حَقًّا هُوَ رَسُولُنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَدْ أَخْرَجَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَهَدَانَا بِهِ مِنَ الْغَيِّ إِلَى الْهِدَايَةِ، وَأَنْقَذَنَا اللهُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ النَّارِ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ.
وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نَتَكَلَّمُ عَمَّا يَتَيَسَّرُ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ، فَأَعْظَمُ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ الإِقْرَارُ وَالْقَبُولُ بِرِسَالَتِهِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكُلَّفٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يُصَدِّقَ وَيَقْبَلَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللهِ حَقًّا، وَنَبِيُّ اللهِ صِدْقًا، رَسُولٌ لا يُكَذَّبُ، وَعَبْدٌ لا يُعْبَدُ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[التوبة: 128].