وتعظم الحاجة إلى تلك الدعوة كلما ازداد الجهل، واستحكم داء الغفلة، وأخلد الناس إلى الأرض، وصارت الدنيا غايتهم، وقلَّ الداعون إلى الله.
إن من شرع تلك الدعوة، ورغَّب فيها، وحثَّ عليها شرع منهجها وأبان أساسها الذي يكون به نجاحها وبركتها ونفعها، فكان ذلك المنهج هو خط البصيرة الذي تقفَّاه نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في دعوته، ولم يَحِدْ عنه قِيْدَ أُنملة، كما نوَّه الله بقوله: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)[يوسف: 108].
وقد أوضح الله أبرز معالم ذلك المنهج بقوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33]؛ ففيه بيانٌ لشرف رسالة الدعوة إلى الله، وأربعة من الأسس التي لا يقوم عمادها إلا عليها، والتي غدا بها حسنُها فائقًا حُسْنَ كلِّ قولٍ وعمل؛ بركةً ونفعًا.