إن هؤلاء وأمثالهم بحاجة إلى التذكير بألا يكون لديهم صورة محددة للرزق وإجابة الدعاء، لماذا نحصر الرزق في المال ومتع الحياة؟!.. فحينما لم ترزق ما سألت ظننتَ أن الله ما أعطاك.
إن الرزق لا يُقاس بالكثرة، وإنما يُقاس بالقناعة وملاحظة النّعم، فحين تسأل الله الرّزق، لا تقف منتظراً هذا الرزق، بل عدّد على نفسك وفرة النّعم التي أعطاك الله إيّاها، حينها ستدرك فعلاً أن الله يرزقك ويعطيك ولا يزال يعطيك.
يا أيها المستبطئ للإجابة: حينما تستغفر وتذكر وتصلي وتصوم وتتصدق فلا تفعل ذلك لأجل الرزق فحسب! بل افعل ذلك تقرّبًا وتعبّدًا لله، فمتعة الاستغفار ليست في انتظار ثمرته من الرزق، وإنما متعة الاستغفار في صدق الانطراح بين يدي الله، والاعتراف بين يديه والتلذّذ بالقرب منه. وتأكّد تمامًا أن رصيدك من الاستغفار والدعاء. إن لم تجده اليوم في الدنيا، فستجده في الآخرة عملاً يكون لك شفيعًا عند ربك -بإذن الله- فإن شئت أن تستقلّ من الاستغفار أو تستكثر.
يا أيها الداعي ربه: اعلم أن الله وكيل عليك وليس وكيلاً عنك؛ فإذا دعوت الله ولم تر إجابة فاعلم أنه قد أجابك، ولكنك اخترت عين الشيء، واختار الله غايتك منه؛ فثق بالله وارضَ بقسمته فله الحُكْم والحكمة، وما أنت عند انكشاف الحُجُب إلا حامد لقضائه فيما غاب عنك في المنع والإعطاء، إنه الحكيم العليم يُدبّر الأمر ويخلق ما يشاء ويختار، ينظر في المصالح والمفاسد، ويحقق ما يشاء ويمنع ما يشاء، ويدخر الأجر أو يدفع مصيبة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.