فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَكُوْنُ يَوْمِيَ بَعْدَ رَمَضَانَ؟ فَالْجَوَابُ: اسْتَمِعْ لِهَذِهِ الْخُطْبَةِ وَتَنْتَفِعُ بِإِذْنِ اللهِ.
فَالْقَاعِدَةُ الْعَامّةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَتَتَزَوَّدَ مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
فَحَافِظْ عَلَى الْوَاجِبَاتِ, وَأَعْظَمُهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا تَتَهَاوَنْ فِي ذَلِكَ, فَإِنَّ أَهْلَ الْإِيْمَانِ عَلَامَتُهُمْ اهْتِمَامُهُمْ بِصَلَاةِ الْمَسْجِدِ, ثُمَّ تَزَوَّدْ مِنَ النَّوَافِلِ بِقَدْرِ مَا تُطِيقُ وَتَتَحَمَّلُ, وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُقَلِّلَ ابْتِدَاءً وَلَا تَشُقَّ عَلَى نَفْسِكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُحَافِظَ عَلَيْهَا وَلَا تُخِلَّ بِهَا؛ لِأَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ, وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَلُهُ دِيْمَة, أَيْ مُسْتَمِرّ لَا يَنْقَطِعُ.