أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد عَرَفَ أَصحَابُ القُلُوبِ الحَيَّةِ الغَايَةَ مِن خَلقِهِم ، وَعَلِمُوا عِلمَ يَقِينٍ لِمَاذَا أُوجِدُوا في هَذِهِ الدُّنيَا ، وَجَعَلُوا نُصبَ أَعيُنِهِم قَولَ اللهِ سُبحَانَهُ : (وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونَ) وَمِن ثَمَّ تَوَجَّهُوا إِلى هَذَا الهَدَفِ العَظِيمِ ، وَجَعَلُوا هَمَّهُم هُوَ تِلكَ الغَايَةَ الكُبرَى ، وَلم يَشغَلْهُم عَن ذَلِكَ أَيُّ أَمرٍ مَهمَا كَانَت أَهَمِيَّتُهُ ، وَلم يَكتَفُوا بِذَلِكَ حَتى سَمَت أَروَاحُهُم وَعَلَت هِمَمُهُم ، فَجَعَلُوا لا يَتَطَلَّعُونِ إِلاَّ إِلى الدَّرَجَاتِ العُلا ، وَحَرِصُوا عَلَى أَن يَفُوزُوا بِالفِردَوسِ الأَعلَى ؛ لِيَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ، في صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن رَبِيعَةَ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : كُنتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لي : "سَلْ" فَقُلتُ : أَسأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ . قَالَ : "أَوَغَيرَ ذَلِكَ ؟" قُلتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : "فَأَعِنِّي عَلَى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ "