(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)[الفلق:1]؛ أَيْ: أَسْتَجِيْرُ بِرَبِّ الصُّبْحِ، مِنْ جَمِيْعِ الشُّرُوْرِ الَّتِي أَخَافُ مِنْهَا؛ كَما قالَ تعالى: (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ)[الأنعام: 96]، قالَ الشَّوْكَانِي: "الْقَادِرُ عَلَى إِزَالَةِ الظُّلُمَاتِ عَنْ هَذَا الْعَالَمِ؛ يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ عَنِ الْعَائِذِ كُلَّ مَا يَخَافُهُ".
(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)[الفلق:2] وَهَذَا يَشْمَلُ جَمِيْعَ مَا خَلَقَ الله؛ فَيُسْتَعَاذُ بِخَالِقِهَا، مِنْ الشَّرِّ الَّذِي فِيْها، وَأَوَّلُ مَا يَدْخُلُ في ذَلِكَ: نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْك؛ لِأَنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوْء.
وَمِنَ الشُّرُوْرِ الَّتِي يُسْتَعَاذُ مِنْهَا: شَرُّ اللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ، قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)[الفلق:3]؛ فَفِي اللَّيْلِ: تَكْثُرُ حَوَادِثُ السُّوءِ، وَتَنْتَشِرُ النُّفُوْسُ الشِّرِّيْرَة، وتَخْرُجُ الحَيَوانَاتِ المُؤْذِيَّة، وَيَنْبَعِثُ أَهْلُ الشَّرِّ على الْفَسَادِ، قال المُفَسِّرُوْن: "وَجْهُ تَخْصِيصِ اللَّيْلِ: أَنَّ الشَّرَّ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالتَّحَرُّزَ مِنَه أَصْعَبُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: اللَّيْلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ"