معاشرَ الفضلاءِ: إنَّ للإنصافِ مراتبَ عِدة؛ فأَوَّلُها وأَوْلاها: الإنصافُ مع الله
-جل جلاله-، بعبادتِهِ وحدَه لا شريك له، فالشركُ به -سبحانه- يُضادُّ الإنصافَ،
وهو أقبحُ الظلمِ وأسوؤه، قال تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانَ: 13]،
وسأل ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنهُ- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
"أيُّ الذنبِ أعظمُ؟ قال: أن تجعلَ لله نِدًّا وهو خَلَقَكَ"(أخرجه البخاري ومسلم)
، وثانيها: الإنصافُ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، بالقيامِ بحقوقه كافة، إيمانًا
به، ومحبةً له وإجلالًا وطاعةً وتوقيرًا، وتقديمًا لأمرِه وقولِه، على أمرِ غيرِه وقولِه.
وثالثُ المراتب عباد الله: إنصافُ المرءِ نفسَه من نفسِه، وتلك مرتبةٌ ساميةٌ، فَمَنْ
لا يستطيع إنصافَ نفسِه لا يستطيعُ إنصافَ غيرِه؛ إذْ فاقدُ الشيءِ لا يُعطيهِ!