ومن معاني اللطيف، أنه يُوصِل إلى عبادِه نِعَمَه، ويدفع عنهم نِقَمَه، بِلُطفِه وإحسانِه، ويسوقُهم
إلى كمالهم وسعادتهم، بطُرُق خفية قد لا يشعرون بها، ولا يهتدون لمعرفتها، إلَّا إذا لاحَتْ لهم
عواقِبُها، (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 216].وأعرفُ خلقِ اللهِ به أنبياؤه ورسلُه، فمَن نظَر فيما جرى عليهم،
من الأمور التي في ظاهرها امتحانٌ وابتلاءٌ، وبأساءٌ وضرَّاءُ، ولكِنْ في باطنها لطفٌ ورأفةٌ، ورِفْق
ورحمة، أيقَن أن الأمر كله بيد اللطيف، فهذا يوسف -عليه السلام-، توالَت عليه الشدائد منذ صِغَره؛
فتآمَر عليه إخوتُه، وحرموه من البقاء مع والديه؛ وألقَوْه في الجُبِّ، وبِيع بثمن بخس،
ثم لبث في السجن بضع سنين، وهو وحيد بعيد،