وَالْمُتَأَمِّلُ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ يَجِدُ أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- دَائِمًا يُوَجِّهُ فَهْمَ الْخِطَابِ
لأَصْحَابِ الْعُقُولِ، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف: 2]،
وَقَالَ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[النحل: 12]، وَقَالَ فِي أَصْحَابِ النَّارِ:
(وَيَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ)[يونس: 100]؛ مِمَّا يَدُلُّ دَلاَلَةً وَاضِحَةً
عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْعَقْلِ فِي فَهْمِ الْخِطَابِ الدِّينِيِّ وَتَنْزِيلِهِ عَلَى الْوَاقِعِ.
وَفِي بَعْضِ الآيَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ يَذْكُرُ اللهُ الْعَقْلَ بِاسْمٍ مُرَادِفٍ لَهُ؛ كَاللُّبِّ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-:
(إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَابِ)[الرعد: 19], وَكَالْحِجْرِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ
لِذِي حِجْرٍ)[الفجر: 5]؛ أَيْ: لِذِي عَقْلٍ، وَكَالنُّهَى فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى)[طه: 54]، وَكَالْحِلْمِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ
بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)[الطور: 32]؛ وَأَحْلاَمُهُمْ؛ أَيْ: عُقُولُهُمْ.