إنه أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان ابن يوسف الأصم، ذاع صيته في الآفاق وعُرف عنه الزهد
والإعراض عما في أيدي الناس، وحسن التوكل على الله، بالإضافة إلى حسن الخُلُق وطيب المعاشرة
وكريم المعاملة، فقد أورد ابن خلكان في وفيات الأعيان قصة تظهر ما وصل إليه من كريم الخُلُق
وتقدير مشاعر الآخرين، فقد حدث أن امرأة جاءت لتسأله مسألة، فاتفق أن خرج منها صوت ريح،
فاضطربت وخجلت خجلاً شديدًا، فجعل يوهمها أنه أصَمُّ لا يسمع، ويقول لها: “
ارفعي صوتك يا امرأة”، حتى أوهمها أنه لم يسمع الصوت، فسُمِّي لذلك الأصَمَّ.
قدم بغداد في أيام الإمام أحمد بن حنبل واجتمع به فسأله الأمام أحمد: أخبرني يا حاتم كيفَ
أتخلص من أذى الناس؟ فقال: يا أبا عبد الله بثلاث خصال، قال: وما هي؟ قال: أن تعطيهم مالك
ولا تأخذ من مالهم شيئًا، وتقضي حقوقهم ولا تستقضي منهم حقًّا، وتحتمل مكروههم ولا تُكْرِهْ
أحدًا منهم على شيء. فأطرق الإمام أحمد ملياً ثم رفع رأسه وقال: يا حاتم إنها لشديدة، فقال حاتم: وليتك تسلم.