إنَّ المَلَل مِن نعمةِ الله آفةٌ عظيمةٌ، قد يخسَرُ العبدُ بسبَبِها ما هو فِيه،
ويُصبِحُ في حالٍ يتمنَّى لو أن قد رضِيَ بما كان عليه.
يقولُ ابنُ القيِّم - رحمه الله - مُتحدِّثًا عن هذه الآفَة: مِن الآفات الخفِيَّة
العامَّة: أن يكون العبدُ في نعمةٍ أنعمَ الله بها علَيه، واختارَها له،
فيمَلَّها ويطلُبَ الانتِقالَ مِنها إلى ما يزعُمُ لجهلِه أنَّه خيرٌ له مِنها، وربُّه برحمتِه
لا يُخرِجُه مِن تلك النِّعمة، ويعذُرُه بجَهلِه وسُوءِ اختِيارِه لنفسِه، حتى إذا
ضاقَ ذَرعًا بتِلك النِّعمة وسخِطَها وتبرَّمَ بها، واستحكَمَ ملَلُه لها،
سلَبَه الله إيَّاها، فإذا انتقَلَ إلى ما طلَبَه، ورأَى التفاوُتَ بين ما كان فيه
وما صارَ إلَيه، اشتدَّ قلَقُه وندَمُه، وطلَبَ العودةَ إلى ما كان فيه.
فإذا أرادَ الله بعَبدِه خيرًا ورُشدًا، أشهَدَه أنَّ ما هو فيه نِعمةٌ علَيه،
ورضَّاه به، وأوزَعَه شُكرَه علَيه .