إنَّ مِن النَّاس مَن لا يشعُرُ بقَدرِ النِّعمة التي هو فيها،
فما أكثرَ ما يشكُو، وما أكثرَ ما يتضجَّرُ.
عن عبد الله بن أبِي نُوحٍ قال: قال لِي رجُلٌ على بعضِ السَّواحِل: كم
عامَلتَه - تبارك اسمُه - بما يكرَه، فعامَلَك بما تُحبُّ؟ قُلتُ: ما أُحصِي
ذلك كثرةً، قال: فهل قصَدتَ إلَيه في كَربِك فخَذَلَك؟ قُلتُ: لا والله،
ولكنَّه أحسَنَ إلَيَّ فأعانَنِي، قال: فهل سألتَه شيئًا قطُّ فأعطاك؟ قُلتُ:
وهل منَعَنِي شيئًا سألتُه؟ ما سألتُه قطُّ إلا أعطانِي، ولا استَغثتُ به إلا
أغاثَني، قال: أرأَيتَ لو أنَّ بعضَ بنِي آدم فعلَ بك هذه الخِلال، ما كان
جزاؤُه عِندَك؟ قُلتُ: ما كُنتُ أقدِرُ له على مُكافأةٍ ولا جزاءٍ، قال: فربُّك
أحقُّ وأحرَى أن تُدنِيَ نفسَك له في أداءِ شُكرِ نعمتِه علَيك، وهو
المُحسِنُ قديمًا وحديثًا إلَيك، واللهِ لشُكرُه أيسَرُ مِن مُكافأةِ عِبادِه،
إنَّه - تبارك وتعالى - رضِيَ بالحمدِ مِن العِبادِ شُكرًا.
فالواجِبُ علَينا - عباد الله -: أن نحمَدَ اللهَ دائمًا على كلِّ حالٍ؛
تحدُّثًا بنِعمةِ الله، وإظهارًا لشُكرِه.
فقد روَى الطبرانيُّ عن عبدِ الله بن عَمروٍ - رضي الله عنهما - قال:
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لرجُلٍ:
( كيف أصبَحتَ يا فُلان؟ )،
قال: أحمَدُ اللهَ إلَيكَ يا رسُولَ الله، فقال رسولُ الله
- صلى الله عليه وسلم -:
( هذا الذِي أرَدتُ مِنكَ )
أي: إظهارُ الحَمد والشُّكر والثَّناء.