وما مُنِح العبدُ مِنحةً أفضل مِن مِنحةِ الثباتِ في القول والعمل، يجِدُ ثمرةَ
ذلك في حياتِه كلِّها، وأعظمُ ما يجِدُه حينما يكونُ في قبره،
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }
[إبراهيم: 27].
والثباتُ - حفِظَكم الله - هو:
دوامُ استِقامة المُسلم على الحقِّ والهُدى أمام مُثِيرات الفتن،
ودواعِي الهوَى، وبواعِثِ الشَّهوات.
وقد بيَّن لنا نبيُّنا مُحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - عجِيبَ صُنع الله في
أحوالِ هذا القلبِ، حينما أتَى - عليه الصلاة والسلام - بهذه الصِّيغة
وهو يُقسِم:
( لا ومُقلِّبِ القُلوبِ )؛
رواه البخاري.
وفي قوله - عليه الصلاة والسلام - كثيرًا:
( يا مُقلِّبَ القُلوبِ! ثبِّت قلبِي على دينِك ).
قالُوا: أوَتخافُ يا رسولَ الله؟ قال:
( وما يُؤمِّنُني والقلبُ بين أصبُعَين مِن أصابِعِ الرحمن، يُقلِّبُه كيف يشاء؟! ).
وفي لفظٍ آخر:
( إن شاء الله أن يُقيمَه أقامَه، وأن شاء أن يُزيغَه أزاغَه )؛
رواه أحمد والترمذي، وإسنادُه صحيح.
ولئِن كان القلبُ محلَّ التقلُّب فهو محلُّ الثباتِ، ولهذا كان نبيُّنا مُحمدٌ
- صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يقولُ:
( يا مُقلِّبَ القُلوبِ! ثبِّت قلبِي على دينِك )؛