والجنَّةُ - يا عباد الله - رحمةُ الله - تبارك وتعالى - يُدخِلُها مَن يشاءُ
مِن عبادِه برحمتِه، ولا يبلُغُها أحدٌ بعملِه؛ فلو أتَى العبدُ بكلِّ ما يقدِرُ عليه
مِن الطاعات ظاهرًا وباطنًا، لم يعبُد اللهَ حقَّ عبادتِه، ولم يُؤدِّ شُكرَ نعمِه.
ففي الصحيحين : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( لن يُدخِلَ أحدًا مِنكم عملُه الجنَّة )، قالُوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟
قال: ( ولا أنا، إلأا أن يتغمَّدَني الله مِنه بفضلٍ ورحمةٍ ).
ومَن نظرَ في سيرة سيِّد ولدِ آدم - صلى الله عليه وسلم - يجِدُ الرحمةَ
في أكمل صُورها، وأعظم معانِيها قد حفَلَت بها سِيرتُه، وامتلأَت بها
شريعتُه؛ فكان - صلى الله عليه وسلم - يعطِفُ على الصِّغار،
ويرِقُّ لهم، ويُقبِّلُهم، ويُلاعِبُهم، ويقولُ
مَن لا يرحَمُ لا يُرحَمُ ).