{ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }
[غافر: 14].
وحقيقةُ الإخلاص:
أن يكون سُكونُ العبد وحركاتُه لله تعالى خاصَّةً خالِصةً مُخلَصةً،
ومِن علامات الإخلاص: السرُّ والكِتمانُ، فلا يُحبُّ المُخلِصُ أن يطَّلِعَ الناسُ
على مثاقِيلِ الذرِّ مِن عملِه، كما أنَّه لا يُبالِي لو خرَجَ كلُّ قَدرٍ له مِن
قلوبِ الناسِ ومكانة.
ولقد قال أهلُ العلم:
المُخلِصُ لا رياءً له، والصادِقُ لا إعجابَ له .
وقالُوا:
لا يتمُّ الإخلاصُ إلا بالصِّدقِ، والصِّدقُ لا يتمُّ إلا بالإخلاص،
ولا يتِمَّان كلاهما إلا بالصبر .
ويقولُ عُمرُ بن الخطَّاب - رضي الله عنه -:
مَن خلُصَت نيَّتُه كفَاه الله ما بينَه وبين النَّاس .
ويقولُ سُفيان الثوريُّ - رحمه الله -:
ما عالَجتُ شيئًا أشدَّ مِن نيَّتي، إنها تنقلِبُ علَيَّ .
ويقولُ أبو سُليمان الدارانيُّ:
طُوبَى لمَن صحَّت له خطوةٌ واحدةٌ لا يُريدُ بها إلا الله تعالى .
ويقولُ أيوبُ السِّختيانيُّ: ما صدَقَ عبدٌ قطُّ فأحبَّ الشُّهرة .
ويقولُ مُطرِّفُ بن الشِّخِّير: كفَى بالنَّفسِ أن تذُمَّها على الملأ،
كأنَّك تُريدُ بذِلِّها زينتَها ، قال: وذلك عند الله سَفَه .
أي: أنَّ هذا المِسكين المغرُور يذُمُّ نفسَه أمامَ النَّاس وهو يُريد أن
يُرِيَ النَّاسَ أنَّه مُتواضِع، وهو يبتَغِي مدحَ النَّاس.