سُورةٌ عظيمةٌ في بنائِها، بيَّنَت الارتِباطَ الوَثِيقَ بين العقيدة والسُّلُوك،
الذي يُكذِّبُ بالدِّين، الذي يُكذِّبُ بثوابِ الله وعقابِه وبالحسابِ، ولم
يستقِرَّ الإيمانُ باليوم الآخر قلبَه.
وسُوءُ الاعتِقاد يُؤدِّي إلى فسادِ الأعمال، وفسادُ الأعمال دلالةٌ على
سُوء الاعتِقاد.
لماذا وُصِفَ بأنَّه يُكذِّبُ بالدِّين؟
لأنه لم يتحرَّك في حياتِه على ما يقتضِيه الدِّين، فكأنَّه أقَرَّ بلِسانِه،
وصدَّقَ بقلبِه، ولكنَّه لم يحمِل نفسَه وسُلوكَه على معنى الدِّين
وقِيَمه وأخلاقِه، والسَّير على منهَجِ القُرآن، ونعلَمُ جميعًا أنَّ الإيمانَ قَولٌ باللِّسان،
وتصدِيقٌ بالقلبِ، وعملٌ بالأركانِ.
ومَن ضعُفَ إيمانُه بالحِسابِ والجزاءِ فهو المُكذِّبُ بالدِّين، الذي أصابَت
قلبَه القسوةُ، وجمَدَ وتيبَّسَ، ومِن صِفاتِه: أنه يدُعُّ اليتيمَ، ويُهينُه ويُؤذِيه،
فهو غيرُ قادرٍ بإيمانِه الضعيفِ أن يُحسِّنَ حياتَه وحالَه، ويتَّقِيَ سُوءَ العمل.
وما قِيمةُ الدِّين إذا لم يظهَر أثَرُه في السُّلُوك والأفعال؟!
وما معنى الإيمان
إذا لم يقُد صاحِبَه إلى الإحساس بالآخرين، بفِعلِ المعروفِ،
وإطعامِ المِسكِين، بل والحضِّ على إطعامِ المِسكِين؟!
الإيمانُ بالبعثِ والجزاء هو الوازِعُ الحقُّ الذي يغرِسُ في النَّفسِ الإقبالَ
على الأعمالِ الصالِحة حتى يصِيرَ ذلك خُلُقًا، وإذا نُشِّئَت عليه زَكَت
وانسَاقَت إلى الخيرِ بدُون كُلفةٍ.
وقسوةُ القلبِ قد تُؤدِّي إلى الغفلَةِ والتكذِيبِ بالدين، وعِلاجُ ذلك في
حديثِ خيرِ البريَّة رسولِ البشريَّة - صلى الله عليه وسلم -، حين جاءَه
رجُلٌ يشكُو قسوةَ قلبِه، فقال له:
( امسَح رأسَ اليَتِيم، وأطعِمِ المِسكِين ).