{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
[ الأنعام: 155 ].
وعن العِرباضِ بن سارِيةَ - رضي الله عنه -، قال:
( قامَ فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ فوعظَنا موعِظةً بليغةً
وجِلَت منها القلوبُ، وذرَفَت منها العيونُ.
فقيل: يا رسول الله ! وعَظتَنا موعظةَ مُودِّعٍ، فاعهَد إلينا بعهدٍ،
فقال: عليكم بتقوَى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا،
وسترَون اختلافًا شديدًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين،
عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم والأمورَ المُحدثات؛ فإن كل بدعةٍ ضلالة )
أخرجه أحمد، وأبو داود.
أيها المسلمون :
اذكُروا نعمةَ الله عليكم إذ كنتُم في تفرُّقٍ وشَتات، وضغائِن وعداوات،
وحروبٍ وغارات. فهداكم بعد ميلَة، وأغنَاكم بعد عَيلة، وجمعَكم في دولة،
هي المملكة العربية السعودية، وطنُ الإسلام ودوحةُ السلام،
ووطنٌ وحَّد الآباءُ والأسلافُ، بعد التفرُّق والتمزُّق والاختلاف،
وحياة الخوف والجُوع والجَفاف، والسِّنين المُضنِيَة العِجاف.
لن يسمَح وُلاتُه وبُناتُه، وأبناؤُه وبناتُه، وجُنودُه وحُماتُه لخائنٍ عِبِّيث،
ومارِقٍ خبيث أن يجعلَه ساحةً للثَّارات العمياء، والصِّراعات الهَوجاء،
ومسرحًا لعبَثِ الغَوغَاء والسُّفهَاء، ولن يُسمَح لمارِقٍ مُفارِقٍ اعتقَدَ باطِلاً ونُكرًا،
وتبنَّى منهجًا فاسِدًا وفِكرًا، وخطَّط شرًّا ومكرًا، أن يهدِم البناءَ المعمُور
، أو يُنجِّس الماءَ الطَّهور، أو ينشُر الفوضَى والشُّرور.
والمملكة العربية السعودية وطنُ الإسلام، بدمائِنا نحمِيه، وبأرواحِنا نفدِيه،
وبنُحورِنا نُواجِهُ من يُعادِيه، ومهما قِيلَ وقِيلَ من الأكاذِيب والأباطِيل،
فهذه عقيدتُنا عن سلَفنا تلقَّيناها، ولأولادِنا أدَّيناها، كلمةً باقيةً في الأجيال والأعقاب،
على مرِّ السِّنين والأحقاب، ولا نقبلُ في ذلك عذلاً ولا ملامًا، ولا جِدالاً ولا كلامًا.