الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهدُ أن
لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له تعظِيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه
ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، وسلَّمَ تسليمًا مزيدًا.
أيُّها المسلمون:
التفاضلُلُ بين الليالِي والأيام داعٍ لاغتِنامِ الخير مِنها، وعمَّا قريبٍ تحِلُّ بنا أفضلُ الأيام عند الله.
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشر )؛
رواه ابن حبان.
أقسَمَ الله بليالِيها فقال:
{ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ }
[الفجر: 1، 2].
وكلُّ عملٍ صالحٍ فيها أحبُّ إلى الله ما لو كان في غيرِها؛ قال - عليه الصلاة والسلام -:
( ما مِن أيامٍ العملُ الصالِحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله مِن هذه الأيام العشر )
. قالُوا: يا رسولَ الله! ولا الجِهادُ في سبيلِ الله؟ قال:
( ولا الجِهادُ في سبيلِ الله، إلا رجُلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِع
مِن ذلك بشيءٍ )؛
رواه أبو داود.
فأكثِرُوا فيها مِن العمل الصالِح، مِن ذكرِ الله، وتلاوةِ كتابِه العظيم؛
قال - عزَّ وجل -:
{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }
[الحج: 28].
ومما يُستحبُّ في العشر:
صِيامُ التسعة الأُولَى مِنها، وخُصَّ مِنها يوم عرفة لغَير الحاجِّ بمزيدٍ
مِن الفضل؛ فصِيامُه يُكفِّرُ السنةَ الماضِيةَ والباقِيةَ.
ومِن العمل الصالِحِ فيها: المزيدُ مِن البِرِّ والإحسانِ إلى الوالِدَين والنَّاسِ،
وصِلةِ الرَّحِم، والصدقةِ، والإكثارِ مِن نوافِلِ العبادات.
فالسَّعيدُ مِن اغتَنَمَ مواسِمَ الخيرات قبل فواتِها، وبادَرَ بالأعمال الصالِحة
ونافَسَ السابِقين فيها، والحياةُ مغنَمٌ للعباد، والمُوفَّقُ مَن عُدَّ في المُحسِنين.
ومِن الأعمال الصالِحة: ذَبحُ الأُضحِية يوم العِيد وأيام التشريق،
ومَن أرادَ أن يُضحِّي فلا يأخُذ مِن شَعرِه ولا مِن أظفاره ولا مِن بشرتِه
شيئًا بعد دخول شهر الحجَّة حتى يُضحِّي، أما الوكيلُ على الأُضحِية
أو المُضحَّى عنه، فلا يلزَمُه شيءٌ مِن ذلك.
ثم اعلَموا أنَّ الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَمِ التنزيل:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[الأحزاب: 56].