إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }
[ الزمر: 7 ].
ومن هذا المُنطلَق - عباد الله - كان لِزامًا على أمة الإسلام أن تُدرِكَ أمرَين جدُّ عظيمَين،
تحمِلُ عليهما الضرورةُ تارةً، ويهدِي إليهما الدينُ تاراتٍ أخرى؛
بل كلٌّ منهما يستلزِمُ الآخر ويستصحِبُه استِصحابًا حثيثًا.
والأمران - عباد الله - هما: التآخي والائتِلاف بلا تفرُّقٍ واختِلاف،
وعلوُّ الهمَّة لبلوغِ الأرَب في الرِّفعة والرِّيادة، دون استِكانةٍ أو خُنوعٍ
لغير الله سبحانه وتعالى بهذين الأمرَين عباد الله تنمُو الأُمم،
فتعظُم فتسُود ما شاء الله أن يحيَا فيها هذا الأمران.
وإنه متى رُؤِيَ من أمة الإسلام مَيْلٌ صادقٌ إلى الوحدة والتمكين؛
فإن العاقِبَة لها ما من ذلك بُدٌّ، فتلك هي السنةُ الكونية والدينية.
ومن تصفَّح تاريخَ الأُمم والشعوب، وتأمَّل واقِعَها من خلال كتاب الله وسنة
رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، ومصادر التأريخ المُسطَّرة؛
وجدَ أن حظَّ الأُمم والشعوب من الوجود على مِقدار حظِّها من الوحدة،
ووجدَ مبلغَها من العلوِّ والهيمَنة على قدرِ تطلُّعها إلى التمكين في الأرض
لإثبات وُجودِها.
ولوَجَد أيضًا أنه ما انحرَفَ قومٌ عن بُلوغ ما ذُكِر، فألهَاهم بما بين أيديهم،
وأوقَفَهم على أبواب ديارهم ينتظِرون طريقَهم بالسوء،
إلا بعد ما رُزئُوا بالاختلاف والافتِراق، ودنُوِّ الهمَّة، والحِطَّة، والشِّقاق،
والرِّضا بالحياة الدنيا من الآخرة،