لا يختلف العقلاء على أنَّ العمل المؤسسي والجماعي
هو الذي يمكن أن يكتب له النجاح إن توافرت شروطه،
وإن كانت له قيوده ومحدداته واحتمال دفع ضريبته الثقيلة.
المشاريع الناجحة في التاريخ التي كتب لها الاستقرار
كانت نتاج عقول وجهود مشتركة، متفاوتة سعةً
وضيقاً وقوةً وضعفاً وبُعداً وقرباً وتبايناً في الأفهام والأعمال
حتى شكلت نسيجاً واحداً يصعب إزالته أو اختراقه.
بعض الكفاءات لا يحلو صوته إلا منفرداً فإذا قال
وإذا خطب أقنع، وإن حاور تميز، وإن بادر بهر الآخرين،
لكنه فرد واحد وحتى لو كان معه واحد او اثنان
فهم جزء منه يحملون أوراقه وأقلامه ويبلّغون
صوته الفردي وهذا منهج ارسطو بخلاف أستاذه أفلاطون.
حتى الرسل عليهم السلام وإن كانوا مكلفين
ومعصومين لم ينجحوا دون الاستعانة بغيرهم،
فهذا إبراهيم ومعه زوجه هاجر وإسماعيل،
وهذا زكريا معه يحيى، وهذا عيسى وأمه مريم يقول:
من أنصاري إلى الله، وهذا موسى يطلب أن يكون معه هارون
أفصح لساناً، وقالوا لشعيب عليه السلام
(ولولا رهطك لرجمناك ما أنت علينا بعزيز)،
وهذا محمد وخديجة والمهاجرون والأنصار..
ويقول: أشيروا عليَّ أيها الناس.