وَالأَمَلُ سُلْطَانُ الشَّيْطَانِ عَلَى قُلُوبِ الْغَافِلِينَ، قال سبحانه وتعالى: (إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) [محمد:25]. قالَ الحَسَنُ: “زَيَّنَ لَهُمُ الْخَطَايَا، وَمَدَّ لَهُمْ فِي الْأَمَلِ”.
وَطُولُ الأَمَلِ عَلَامَةُ العَجْزِ والكَسَلِ، قال صلى الله عليه وسلم: “العَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الأَمَانِي”(رواه الترمذي وحسنه). قالَ ابنُ القَيِّم: “الْمُتَمَنِّي: مِنْ أَعْجَزِ النَّاسِ وَأَفْلَسِهِمْ، فَالتَّمَنِّي رَأْسُ أَمْوَالِ الْمَفَالِيسِ، وَلَا يَرْضَى بِالْأَمَانِيِّ إِلَّا ذَوُو النُّفُوسِ الدَّنِيئَةِ”.
وَطُولُ الأَمَلِ مَادَّةُ كُلّ فَسَادٍ، وَمِفُتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، قالَ ابْنُ الجَوْزِي: “لَوْلَا طُولُ الأَمَلِ، مَا وَقَعَ إِهْمَالٌ أَصْلًا؛ فَإِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفِ؛ فَإِنَّهُ أَكْبَرُ جُنُودِ إِبْلِيْس”.
وَمِنْ عَجَائِبِ الصَّالِحِينَ في الجِدِّ والعَمَلِ، وَقَطْعِ الأَمَلِ والكَسَلِ مَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَة: “مَا خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً؛ فَحَدَّثْتُ نَفْسِيَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْهِ”. وقال بَعْضُ السَّلَف: “مَا نِمْتُ يَوْمًا قَطُّ؛ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي أَنِّي أَسْتَيْقِظُ مِنْهُ”. وقَالَ أَحَدُهُمْ: “قَدِ اسْتَعْدَدْتُ لِلْمَوْتِ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً؛ فَلَوْ أَتَانِي مَا أَحْبَبْتُ تَأْخِيرَه