عباد الله: وكما أن للقلوبِ عبادات وقُرُبات، كالإيمانِ والإخلاصِ والاحتسابِ والخوفِ والرجاءِ والرغبةِ والرهبةِ والخشوعِ والخشيةِ والإنابةِ والتَّفَكُرِ والتَّدَبُّرِ، والحبِّ والبغضِ، وغيرُها؛ فإِنَّ للقُلُوبِ معاصي وخطيئات يجبُ الحذرُ منها ومِن اقترافِها، وقد أمر اللهُ العبادَ أَنْ يَجْتَنِبُوا مَعَاصِي القلوبِ، كما أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْتَنِبُوا مَعَاصِي الأَبْدَان؛ (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ)[الأنعام:120].
وما هّذَّبَ عبدٌ قلبَه بِمِثْلِ تَدَبُّرِ القرآن، وما هُيئَ للقُلُوبِ مَيْدَانٌ للإصلاح مِثلُ مواسِم الخيراتِ التي تكون القلوبُ بها مِن رَبِها أَقرَب، وقد فازَ مَن إلى دَرْبِ الرَّشادِ هُدِيَ. تُصانُ القلوبُ من طوارِقِ الشبهاتِ التي إِن تغلغلت في القلوبِ أفسدَتها، وإِن اسْتَحْكَمَتْ فيها أَضلَّتها.
تُشْرَعُ أبوابُ القلوبِ أمامَ تدبر القرآنِ وتَفَهُّمِ السُّنةِ، وأَمامَ كُلِّ قولٍ ورأيٍ قويم. وتُوصَدُ أبوابُ القلوبِ أَمامَ أربابِ الهوى ودُعاةِ الزَّيغِ وأَئمةِ الإضلال؛ (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)[النساء:140].