وقراءةُ القرآنِ مِنْ أَجَلِّ القُربات، ظاهرها تلاوةٌ باللسان، وباطنها تَدَبُرٌ بالقلبِ واستجابَةُ وإيمان (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)[الأنفال:2].
إِنها عُبُودِيَّةُ القَلْبِ، لا تَنْفَكُّ عَنْ عِبادَةِ مِنَ عباداتِ الجوارِح، وبِكمالِ عُبودِيَّةِ القلبِ تُرْفَعُ للعبدِ الدرجات؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "فإنََّ الأَعمالَ لا تَتَفَاضَلُ بِصُوَرِها وَعَدَدِهَا، وإنما تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ ما في القُلُوبِ، فَتَكُونُ صورةُ العَمَلَيْنِ واحِدَةً، وَبينهما في التَّفَاضُلِ كما بينَ السماءِ والأرض، والرجلانِ يكونُ مَقَامُهُما في الصفِّ واحداً، وبَيْنَ صَلاتَيْهِما كما بين السماء والأرض" ا.هـ.
وأَنبياءُ اللهِ المُقَرَّبين أَعلَمُ الناسِ بِرَبِهِم؛ حققوا العِبادَةَ في جوارِحِهمْ، وأقاموها في قلوبِهم (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء: 90].